لغز الطلاسم على رغيفي العيش الذي ارعب أهلي المنصورية .. وما سر الكلاب السوداء … القصة الكاملة!
في إحدى ليالي الشتاء الباردة، وبين أزقة قرية المنصورية الهادئة، بدأ الرعب يدبّ في قلوب الأهالي. الأمر لم يكن سرقة، ولا جريمة، بل شيء أغرب من الخيال.. رغيف خبز، عادي في ظاهره، لكنه يحمل نقوشًا غريبة تشبه الطلاسم، وكأنها محفورة بيد غير بشرية. لم يكن هذا الحادث الوحيد، بل تزامن مع ظهور كلاب سوداء شرسة، تجوب الشوارع وتختفي عند الفجر، تاركة وراءها شعورًا بالرهبة والخوف.
البداية.. اكتشاف الرغيف الملعون
في فجر يوم الجمعة، خرج الحاج محمود، صاحب الفرن العتيق في القرية، ليبدأ يومه كالمعتاد. وبينما كان يرص أرغفة العيش الطازج في الصواني، لاحظ رغيفًا غريبًا، أسود الأطراف قليلاً، وعليه نقوش غير مفهومة. كان يعتقد أن الأمر مجرد حروق بسبب حرارة الفرن، لكنه عندما دقق النظر، شعر بقشعريرة تسري في جسده. الكلمات كانت غريبة، كأنها طلاسم سحرية أو لغة قديمة منسية.
هرع الحاج محمود إلى شيخ المسجد، الذي بدوره استدعى بعض كبار القرية. وقف الجميع حول الرغيف، يحدقون فيه بدهشة وخوف، فيما كان صوت نباح الكلاب السوداء يتردد في أرجاء المنصورية، كما لو كانت تراقب من بعيد.
تزايد الظواهر الغريبة
لم يمر وقت طويل حتى بدأت الظواهر الغريبة في الانتشار. في الليالي التالية، وجد بعض الأهالي أرغفة مماثلة أمام بيوتهم، وعندما حاولوا حرقها، لم تشتعل! وكأنها محصنة بسحر مجهول. في الوقت نفسه، بدأت الكلاب السوداء تتجمع في مجموعات صغيرة، تراقب بصمت، وتصدر أصواتًا غريبة، وكأنها تحذر من شيء قادم.
إحدى السيدات، الحاجة فاطمة، أقسمت أنها رأت رجلاً مغطى بعباءة سوداء، يسير في الظلام، يضع الأرغفة أمام المنازل ثم يختفي وسط الضباب.
سر الطلاسم.. وحقيقة اللعنة
بعد محاولات لفك شفرة الطلاسم، استدعى الأهالي الشيخ عبد الرحمن، أحد العلماء المتخصصين في الماورائيات. وبعد دراسة متأنية، اكتشف أن الكلمات المكتوبة على الأرغفة تعود إلى لغة قديمة كانت تُستخدم في طقوس سحرية مرتبطة بإيقاظ الأرواح الشريرة.
وبعد بحث أعمق، علموا أن القرية كانت قد شهدت قبل قرن من الزمان حادثة مشابهة، عندما حاول أحد السحرة استخدام طلاسم مماثلة لاستدعاء كائنات من العوالم الأخرى، لكن السكان آنذاك تمكنوا من إحباط مخططه. يبدو أن شخصًا ما أعاد إحياء اللعنة من جديد.
المواجهة مع الكائن الغامض
قرر الأهالي نصب كمينٍ للشخص الغامض الذي يضع الأرغفة الملعونة. وعند منتصف الليل، اختبأ بعض الشباب في الأزقة، يراقبون بهدوء. وفجأة، ظهر رجل مقنع يرتدي عباءة سوداء، ممسكًا برغيف يحمل نفس الطلاسم. لكن ما إن اقتربوا منه حتى انطلقت الكلاب السوداء نحوه، تعوي بجنون.
وفي لحظة مرعبة، رفع الرجل يده، وإذا بالأضواء تنطفئ، والرياح تعصف، وكأن الأرض نفسها ترتجف. ثم، بصوت غريب غير بشري، تمتم بكلمات لم يفهمها أحد، قبل أن يختفي وسط الضباب، تاركًا خلفه الرغيف الذي بدأ يتفكك إلى رماد.
نهاية اللعنة.. أم بدايتها؟
بعد هذه الحادثة، اختفت الكلاب السوداء تمامًا، ولم يعثر الأهالي على أي أرغفة جديدة. لكن شيخ القرية حذر الجميع: “هذه ليست النهاية، بل مجرد بداية.. فاللعنات القديمة لا تموت، بل تنام بانتظار من يوقظها من جديد.”
ومنذ ذلك الحين، لا يزال بعض كبار السن في المنصورية يحلفون أنهم يسمعون في الليالي الباردة صوت نباح خافت، وأنهم يجدون أحيانًا فتات خبز متفحّم أمام أبوابهم.. وكأن الكيان المجهول لم يرحل بعد.
الصحوة الأولى: السحر الأسود ورغبة في “سلب الإرادة”
لم تكن الحيرة قد انتهت، بل بدأت الحكاية تأخذ منحنى أخطر وأكثر إثارة. قام “محمد” بمشاركة ما شاهده مع بعض الأصدقاء، وبدأ الحديث عن الحادثة ينتشر بين الأهالي. تباينت الآراء، ولكن ما جعل القصة تنتشر بسرعة هو تفسير عبد الله العطار، صاحب مركز للطب البديل في المنطقة.
“هذا نوع من السحر الأسود!” هكذا صرح عبد الله بحزم عندما علم بالطلاسم الموجودة على الخبز. وقال: “إطعام كلب أسود خبزًا يحمل طلاسم سحرية يمكن أن يؤدي إلى ‘الجلب وسلب الإرادة’، أي أن الشخص المستهدف سيفقد القدرة على اتخاذ قراراته بنفسه ويخضع لسلطة الآخر”. وأضاف أن هذا النوع من السحر يعتمد على طقوس دقيقة: إذا كان الكلب الأسود ذكرًا، فإن الشخص المستهدف يجب أن يكون رجلاً، وإذا كان الكلب أنثى، فالشخص المستهدف يجب أن يكون امرأة.
الحديث عن السحر الأسود جعل القضية أكثر إثارة وتعقيدًا، وبدأت الشكوك تتزايد حول من كان وراء هذه الطقوس الغامضة، وما هو الهدف الحقيقي منها.
الجانب الديني: خطر السحر على الدين
بعد أن انتشرت القصة بين الأهالي، لم يتأخر رأي الدكتور عطية لاشين، أستاذ الفقه المقارن في الشريعة الإسلامية. وعندما سُئل عن تلك الطلاسم والسحر الذي يدور حول الخبز، لم يكن الرد هادئًا. “ما حدث هو كفر صريح”، قال الدكتور عطية بصوت قاطع. وأضاف: “أي محاولة للتعامل مع السحرة أو استخدام الطلاسم والسحر يُعد كفرًا، لأنه مخالفة صريحة لما ورد في القرآن الكريم وسنة النبي صلى الله عليه وسلم”.
وأوضح الدكتور عطية أن السحر ليس فقط مرفوضًا في الإسلام، بل يُعتبر من الكبائر التي قد تؤدي إلى خسارة العقيدة. “من يصدق هذه الطقوس ويشارك فيها فقد كفر بما أُنزل على النبي”، هكذا كانت كلمات الدكتور عطية، وهو يحذر الجميع من مغبة التورط في هذه الأعمال التي تمثل خطرًا على الدين والعقيدة.
الجدل بين الأهالي: هل هو سحر أم خرافات؟
الجدل بين الأهالي لم يكن أقل إثارة من الحكاية نفسها. البعض كان يصدق تمامًا أن السائق كان يمارس سحرًا أسودًا قد يؤذي الكثيرين. أما البعض الآخر، فقد اعتبر الأمر مجرد خرافات لا تستحق الاهتمام. انقسمت الآراء بشدة، وتساءل الجميع: هل ما رأوه هو مجرد عمل سحري أم أن هناك تفسيرًا آخر وراء هذا الرغيف الغريب؟
الخاتمة: سحر أم خرافة؟
منذ ذلك اليوم، أصبحت منطقة المنصورية محط أنظار الجميع. البعض يعتقد أن هناك قوى غامضة تتحكم في هذه الحكاية، والبعض الآخر يرى أنه مجرد حادث عابر لا أساس له. لكن الأكيد أن الواقعة أثارت فضولًا كبيرًا وحيرة لا نهاية لها، وفتحت أبوابًا لأسئلة كثيرة عن السحر والشعوذة وأثرهما على المجتمع. وفي النهاية، تبقى هذه الحكاية واحدة من أكثر الحوادث إثارة وغموضًا في تاريخ المنطقة، تثير تساؤلات حول ما هو حقيقي وما هو خرافة.